إذا طُلب من طلاب في المرحلة الإعدادية ذكر ملك مشهور في تاريخ فرنسا، فلا شك أن اسم لويس الرابع عشر سيتكرر كثيرًا.


لقد احتفظت ذاكرتنا بصورة لهذا الملك من القرن السابع عشر، وهي صورة تعكسها لنا اللوحات الرسمية العديدة التي أُنجزت في فرساي. يظهر الملك دائمًا في أبهى حُلّة: طويل القامة، مستقيم القوام، ذو نظرة حاسمة، ووجه وسيم. وكانت ملابسه دائمًا أنيقة وتُظهر ثراءه الهائل.
لكن، وكما هو الحال غالبًا في التاريخ، فالحقيقة ليست دائمًا كما تبدو، بل بعيدة عنها... كان لويس الرابع عشر ملكًا قليل النظافة. ولإنصافه، لم يكن الوحيد. فبمظهره المهيب، كان قصر فرساي في الحقيقة من أقذر الأماكن في المملكة. ومن المثير للدهشة أن النبلاء كانوا غالبًا ما يقضون حاجتهم تحت الدرج أو خلف أبواب القصر.
لم يكن لويس الرابع عشر يستحم كثيرًا طوال حياته. ومن الصعب لومه على ذلك، لأن الطب في تلك الحقبة كان يعتبر الاستحمام خطرًا، كونه يسهل دخول الميكروبات إلى الجسم. كان الملك يصدر منه دائمًا رائحة كريهة يصعب على من حوله تحملها. وكان يعلم ذلك جيدًا، لذلك كان يحرص عند دخوله إلى غرفة أن يفتح النوافذ حتى لا يزعج حاشيته.
كان الملك، عند استيقاظه، يلبس قميصًا نظيفًا ويغسل وجهه بالقليل من الماء، ثم، كما جرت العادة آنذاك، يرش نفسه بكثرة بالعطور التي بالكاد كانت تخفي رائحته الكريهة. أما سريره الملكي فكان مأوى لعشرات البراغيث التي لم يكن الخدم يتفاجؤون عند رؤيتها تقفز.

فقد عانى الملك من مشاكل صحية كثيرة خلال حياته الطويلة، في القرن السابع عشر، لم يكن تنظيف الأسنان عادة منتشرة كما هو الحال اليوم. ولذلك، فقد لويس الرابع عشر أسنانه في سن مبكرة، مما تسبب له في العديد من الخراجات والالتهابات في الفم. ويروي أحد أطبائه في مذكراته أنه بعد عملية فاشلة للأسنان، اضطروا لإزالة جزء من سقف فمه.
تعرض لويس الرابع عشر خلال فترة حكمه لعدد هائل من الحجامات والحقن الشرجية، حتى في الليلة التي سبقت وفاته، مما زاد من ضعفه. وانتهت أيامه في ظروف مؤلمة للغاية. وقد كتب طبيبه الشخصي لاحقًا في مذكراته أن مشاكل الدورة الدموية التي عانى منها الملك تسببت في خراجات رهيبة في ساقيه. وبسبب سوء العلاج، تلوثت الجروح وانتشرت الغرغرينا في أطرافه السفلية. وكانت رائحة العفن لا تطاق، حتى أن أحدًا لم يكن يقترب من سريره دون أن يغطي أنفه بمنديل معطر.